Wednesday, October 20

سحر الطهي


الطهي كالكتابة عندي فهو من افعال التأمل، لم اكن اعي ذلك جيدا وانا صغيرة، فقد كان يشبع فضولي بصورة غير التي يمتعني بها الان.
كنت في الثامنة من عمري تقريبا حين دخلت المطبخ وحدي لاول مرة، كنت في البداية اسال عن كل شيء واي شيء.
ماما المية بتغلي اعمل ايه؟... ماما الصلصة كنت كويسه تعالي شوفيها..... مااااااااااااماااااا حرقت الللللللللللللللحمة
وبعد ذلك توقفت، ادركت ان الطهي ما هو الا" اتصرفي"، فبدأت التصرف على ان ما افعله هو لي انا... من روحي انا
اول الاشياء التي صنعتها كانت المكرونه، ولعله سبب حبي الشديد لها، فهي اول ما صنعته واتقنته دون اي عناء
لكن اكثر الاشياء التي استمتعت حقا بصنعها كانت "المهلبيه" ذلك الكيان الابيض الناصع، الحلو المشبع بالنقاء، كنت طفلة اقف امام النار وحدي اشرح وبصوت عال انك اذا اردت ان تصنع هذا الطبق الحلو لعائلة كبيرة عليك ان تضيف اربعة اكواب من الحليب في قدر وتتركه على نار هادئه حتى يغلي... كنت ومازلت اخاف بشده على الحليب وهو على النار فهو ارق من ان يغلي بقوة، في قلبه صفاء لا يحتمل قوة اللهب فيفور، كم اخشى على الحليب من الفوران
اتنقل بعدها للنشاء، بياض من نوع اخر، اكثر تماسكا في ذاته، ومن قوته يستطيع ان ينقل خواصه لغيره، يصقل الاشياء ويزيد من كثافتها، يساعده على ذلك الحرارة وان كانت خفيفه، اتعامل معه بحذر، فهو رغم قوته قد يفسد الاطعمه بتكتلاته، فان لم تعامله برفق افسد عليك حياتك
اضيف السكر والفانيليا للحليب، اسكب فوقه النشاء المذاب بهدوء، استمر في التقليب طالما اضيف النشاء... واستمر حتى من بعده، حتى اشعر بكثافه المزيج، كلما تركته على النار كلما اصبح اكثر كثافه، لكني احبيها لينه لاني ارى انه انسب قوام لهذا الطبق الهادئ الممتع
اردد ما افعله بصوت ببطئ حتى يستطيع المتلقى- في اعتقادي- ان يتابع خطوة بخطوة، لم اكن اابه بمن يسمعني من الخارج، وهم ايضا كانوا يتركوني افعل ما اشاء.
املأ الاكواب من هذا الخليط الرائع ثم اضع في كوبي بعض الشيكولاته... لاكسر حدة البياض

Thursday, October 14

النصف- من روائع خليل جبران


لا تجالس أنصاف العشاق
..ولا تصادق أنصاف الأصدقاء
..لا تقرا لـ أنصاف الموهوبين
..ولا تعش نصف حياة
..لا تمت نصف موت
..ولا تختبر نصف حل
..لا تقف في منتصف الحقيقة
..ولا تحلم نصف حلم
..ولا تتعلق بنصف أمل ..

إذا صمتّ ، فـ اصمت حتى النهاية
..وإذا تكلمت ، فتكلّم حتى النهاية ..
لا تصمت كي تتكلم ولا تتكلم كي تصمت ..
إذا رضيت ..فعبّر عن رضاك لا تصطنع نصف رضا ..
وإذا رفضت ..فعبّر عن رفضك ، لأن نصف الرفض قبول ..

النصف !!!!هو حياة لم تعشها ، وهو كلمة لم تقلها ، وهو ابتسامة أجّلتها ، وهو حب لم تصل إليه ، وهو صداقة لم تعرفها ..

النصف !!!!هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك ، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك ..

النصف !!!!هو أن تصل وأن لاتصل ، أن تعمل وأن لا تعمل ، أن تغيب وأن تحضر ..

النصف !!!!هو أنت ، عندما لا تكون أنت ..لأنك لم تعرف من أنت ..

النصف !!!هو أن لا تعرف من أنت ..

ومن تحب ليس نصفك الآخر , هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه .. ♥

نصف شربة لن تروي ظمأك ، ونصف وجبة لن تشبع جوعك ، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان ، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة ..النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز ..لأنك لست نصف إنسان !!أنت إنسان ..وجدت كي تعيش الحياة .. وليس كي تعيش نصف حياة

Monday, October 4

شوية حاجات

قل الحب شوية.. اثر على التصرفات شويتين.. قسى القلب تلات شويات.. بعد الناس عن بعضها شويات وشويات.. وبقى فيه زعل كتير وعتاب اكتر.. وكتير مبقتش تفرق زي الأول.. وكله بيبدأ بـ شوية حاجات

Friday, September 10

الكتابه والاختلاف

بحكم وضعي بين ناس جديده في الشغل ليها وجهات نظر مختلفه عني كليا، وبما اني شخص ودني من الدرجة الاولي بسمع لاي حد، قررت اني اكتب بشكل مختلف، الشكل المختلف ده تبعا لنظريه الناس الي حوليا ان الكلام لازم يكون ايجابي ويهدف الي الخير
لحد كده عداهم العيب... كلام صح جدا، بس لما يكون الكلام على طول كده بيبقى صعب على الواحد يكتب اصلا
ليه بقى
عشان اساسا اساسا انا بكتب لما بكون في حاله حزن شديد او لخبطه او اي حاله شبههم
يعني اغلب الكلام هيكون سلبي ويهدف الى الانتحار وش
وعشان معملش كده في مخاليق ربنا بطلت اكتب اصلا
وبالطبع ده رجع عليا انا بزعل ملوش اول من اخر
مش بس عشان انا بحب الكاتبه والتدوين، عشان مش بعرف اقول الي انا عايزاه زي ما بعرف اوصله بالكتابه
يمكن من فترة كنت بسعى لامتهان الكاتبه كمستقبل اقدر اكبر فيه
دلوقتي مازال ده حلم بس مش عايزة اتخلى عنها كهوايه عشان خاطر افكار ممكن بعد فترة اكونها بنفسي ومن نفسي
ساعتها هقدر انفذها من غير ما يكون صعب عليا
ولحد ما اقدر اكون الافكار دي انا هفضفض باي كلام يمكن اقدر ارجع اتواصل مع نفسي زي زمان
بجد التدوين ده نعمه الحمد لله عليها

Sunday, June 6

الفراغ الابدي


سأسقط في هوه من الزمن حيث لا اجد غير الفراغ، غير الظلام، غير صدى صوتي.
حيث لا يسمعني غيري، حيث لا مكان للهروب من اي شيء، حيث لا اجد نفسي سوى معها فقط
حيث لا مجاملات ولا ضحكات زائفه، لا اناس اشعر بينهم بالغربه وانا في بيتي، لا بشر على الاطلاق، لا ماديات، ولا حتى معنويات..فـــــــــراغ فقط
صمت... لا يشبه السكوت، او لعله سكوت ابدي، صمت يفقد الحروف تركيبها، والكلمات معناها، واللغه مفاهيمها، صمت لا ينذر بشؤم ولا حتى خير... صمت فقط
ظلام... لا ياتي بعده نور، ولا يعكر صفوة ضوء، ظلام لا يعرف الخوف ولا يزرعه، ظلام لا يأتي بالوحده بل يؤنسها، ظلام سحيق بلا نهايه... ظلام فقط
دفئ... بلا احضان ولا نيران، دفئ نابع بلا انسان، طاقه تأتي وحدها خلف الظلام بلا تدخل مني في مصدر الاتيان
سأتي للهوه وحدي وسأقفز فيها كي اسقط، الى حيث وجد الامان، وسأتمتع بالصمت بلا صوت،استشعر دفئا في نفسي ولا اسال يوما عن انسان
سأعيش فراغا ابديا واموت في يوم من الايام، لا يعرف عني مخلوق ولا يذرف دمعا بلا حسبان، وسأنهي القصة في صمت وهدوء بدون دوي العصيان
احببتك ابدا يا امي ولم اقصد يوما ان انهار واخذك معي في درب لا عودة منه بلا احزان، سامحني يا ابتِ عن ذنب اذنبته ولم ادري كم اقسوعليك وكم اذبح
يا اخوة عمري يا رفاقي، يا صحبة ايام حياتي، افتقد اللهو والسمر وايام براءة العمر، افتقد شجارا وعراكا، اتلمس ايام ولت، وساعيش بعيدا ولتحيوا في ترف... بذخ، لا أأبه
سآتي اليك يا قبري اركض في بهجه من فرحي،فمكاني فيك هو الابدي من عالم لا يعرف رحمه، واعيش ظلامك في صمت... في دفئ... في انس لا يفنى ابدا.

Friday, February 26

يا سيد السادات جئتك قاصداً

كل عام و أنتم بخير بمناسبة المولد النبوي الشريف

يـا سيـد السـادات جئـتـك قـاصـدا أرجــو رضــاك و أحتـمـي بحمـاكـا
و الله يـاخـيـر الـخـلائـق ان لـــي قـلـبـا مـشـوقـا لا يـــروم سـواكــا

و بـحـق جـاهــك انـنــي بـــك مـغــرم و الله يـعـلـم أنـنــي أهـواكــا
أنـت الـذي لــولاك مــا خـلـق امــرؤ كــلا و لا خـلـق الــورى لـولاكـا

أنت الذي من نـورك البـدر اكتسـى و الشمـس مشرقـة بنـور بهاكـا
أنت الذي لمـا رفعـت الـى السمـا بـك قـد سمـت و تزينـت لسراكـا

انــت الــذى نــا داك ربــك مرحـبـا ولـقـد دعــاك لقـربـه وحـبــا كـــا
أنـت الـذى فيـنـا سـالـت شفـاعـة نــاداك ربــك لــم تـكـن لسـواكـا

أ نــت الــذى لـمـا تـوسـل آدم مـــن زلـــة بـــك فـــاز وهـــوأ بـاكــا
وبــك الخلـيـل دعــا فـعـادت نــاره بــردا وقــد خـمـدت بـنـور سنـاكـا

ودعــاك أ يــوب لـضــر مـســه فـأزيــل عـنــه الـضــر حـيــن دعـاكــا
وبـك المسيـح أتـى بشيـرا مخبـرا بصـفـات حسـنـك مـادحـا لعـلاكـا

وكـذاك موسـى لـم يـزل متوسـلا بـك فـى القيامـة محـتـم بحمـاكـا
والأ نبيـاء وكـل خلـق فـى الـورى والرسـل والأ مـلاك تحـت لــوا كــا

لـك معجـزات أعجـزت كـل الـورى وفضائـل جلـت فلـيـس تـحـا كــى
نـطـق الــذراع بسِـمـه لــك معلـنـا والـضـب قــد لـبـاك حـيـن أتـاكــا

والـذئـب جــاءك والغـزالـة قـدأتـت بــك تستجـيـر وتحتـمـى بحمـاكـا
وكذا الوحوش أ تـت إليـك وسلمـت وشكـى البعيـر إليـك حيـن رآكـا

ودعـوت أشـجـارا أتـتـك مطيـعـة وسمـعـت إلـيـك مجيـبـة لـنـدا كــا
والمـاء فـاض براحتيـك وسبحـت صـم الحصـى بالفضـل فـى يمنـاكـا

وعليك ظللـت الغمامـة فـى الـورى والجـذع حـن إلـى كريـم لقـا كـا
وكـذاك لا أثـر لمشيـك فـى الثـرى والصخـر قـد غاصـت بـه قدمـا كـا

وشفيـت ذا العاهـات مـن أمراضـه ومـلات كــل الارض مــن جـدواكـا
ورددت عيـن قتـادة بـعـد العـمـى وابــن الحصـيـن شفيـتـه بشفـاكـا

وكــذا حبـيـب وابــن عـفـر بعـدمـا جـرحـا شفيتهـمـا بلـمـس يـداكـا
و علـي مـن رمـد بــه داويـتـه فــي خيـبـر فشـفـى بطبـيـب لمـاكـا

وسألـت ربـك فـي ابـن جـابـر بعـدمـا أن مــات أحـيـاه وقــد أرضـاكـا
و مسست شاة لأم معبد بعدما ما نشفت فدرت من شفاكـا رقياكـا

و دعوت عـام القحـط ربـك معلنـا فانهـال قطـر السحـب حيـن دعاكـا
ودعـوت كـل الخلـق فانقـادوا الــى دعــواك طـوعـا سامعـيـن نـداكـا

و خفضت دين الكفـر يـا علـم الهـدى ورفعـت دينـك فاستقـام هناكـا
أعداك عادو في القليب بجمعهـم صرعـى وقـد حرمـوا الرضـا بجفاكـا

فــي يــوم بــدر قــد أتـتـك مـلائـك مــن عـنـد ربــك قاتـلـت أعـداكـا
و الفتـح جـاءك يـوم فتحـك مكـة و النصـر فـي الأحــزاب قــد iiوافـاكـا

هـود و يونـس مـن بهـاك تجمـلا و جمـال يوسـف مـن ضيـاء سناكـا
قــد فـقـت يــا طــه جمـيـع الأنبـيـا طــرا فسبـحـان الــذي أسـراكــا

و الله يـا يسيـن مثلـك لـم يكـن فــي العالمـيـن و حــق مــن نبـاكـا
عـن وصفـك الشعـراء يـا مدثـر عـجـزوا و كـلـوا عــن صـفـات عـلاكـا

انجيل عيسـى قـد أتـى بـك مخبـرا و لنـا الكتـاب أتـى بمـدح حلاكـا
مـاذا يقـول المادحـون ومـا عسـى أن تجمـع الكتَـاب مــن معنـاكـا؟!

و الله لــو أنَ الـبـحـار مـدادهــم و الـشـعـب أقـــلام جـعـلـن لـذاكــا
لــم تـقـدر الثـقـلان تجـمـع نــزره أبــدا و مــا اسطـاعـوا لــه ادراكــا

بــك لــي فــؤاد مـغـرم يــا سـيـدي و حشـاشـة محـشـوة بـهـواكـا
فــاذا سـكـتُ ففـيـك صمـتـي كـلـه و اذا نـطـقـت فـمـادحـا علـيـاكـا

و اذا سـمـعـت فـعـنـك قـــولا طـيـبـا و اذا نـظــرت فـمــا أرى الاَكـــا
يـا مالكـي كـن شافعـي فـي فاقتـي انـيِ فقيـر فـي الـورى لغنـاكـا

يـا أكـرم الثقليـن يـا كنـز الغنـى جـد لـي بجـودك و ارضنـي برضـاكـا
أنـا طامـع بالجـود منـك و لـم يكـن لأبـي حنيفـة فـي الأنـام سـواكـا

فعسـاك تشفـع فـيـه عـنـد حسـابـه فلـقـد غــدا متمسـكـا بعـراكـا
فلأنـت أكـرم شافـع و مشـفـع ومــن التـجـى بحـمـاك نــال رضـاكـا

فاجعل قراى شفاعة لي في غد فعسى أرى في الحشر تحت لواكا
صلـى عليـك الله يـا علـم الـهـدى مــا حــنَ مشـتـاق الــى مثـواكـا

و علـى صحابتـك الـكـرام جميعـهـم و التَابعـيـن و كــلَ مــن والاكــا



كتب أبو حنيفه هذه القصيدة ليتقرب بها من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لينشدها بين يديه في أثناء زيارته ، و لم يطلع عليها أحد.
فلما وصل الى المدينة المنورة، سمع المؤذن ينشدها على المئذنة،! فعجب من ذلك و انتظر المؤذن.
فسأله: لمن هذه القصيدة؟!.
قال :لأبي حنيفة.
قال: أتعرفه؟.
قال: لا.
قال: و عمن أخذتها؟!.
قال: في رؤياي أنشدها بين يدي المصطفى صلى الله عليه و سلم، فحفظتها و ناجيته بها على المئذنة.
فدمعت عينا أبي حنيفة

Friday, January 22

عامان من التدوين



مش عارفة.... هذه انا منذ عامين، تغيرت كثيرا من وقتها، قد نضجت واصبحت اكثر طيشا، او لعلني اصبحت اقل تمردا او استسلاما،
لا اعرف بالتحديد لكن مدونتي هي من تحملتني طوال هذه المدة بتقلباتي جميعها




احب الكتابة جدا، احس انها تسهل علي مهمتي للوصول الى نفسي، لكني عشقت التدوين، ذلك المكان الذي يخصني على الملأ، مكاني الذي اهرب له، انطلق فيه واتحرر، اتستر وراء كلماتي فاتعرف على خبايا نفسي واعرف بها الاخر.





صلتي بالتدوين كعالم افتراضي غالبا ما تقتصر على متابعة مجموعة لا بأس بها من المدونات سواء شخصية او ادبية او حتى تلك الفضائحيه التي تتسر تحت مفهوم السياسه، علمني التدوين ان بعض الناس قد يعتبر الشهرة فضيله اخلاقية وان كان صاحبها بلا اخلاق، علمني ان البعض قد يستغل القناع الذي يوفره هذا العالم لينشر افكارا شاذه بدعوى الحرية.



ابتعدت عن تلك المجمعات التدوينيه، او بالاحرى تلك الشبكات التي تربط بعض المدونين حسب انتماءات كتاباتهم، فضلت ان تكون مدونتي عني انا، لا عنه ولا عنها او عنهم، لكني احتفظ بحقي في ابداء رأيي طالما التزمت بادب الاختلاف.


حبي للتدوين دفعني لاعلمه للعديد من اصدقائي، قد نجح البعض واستمر، والبعض الاخر لم يحتمل فكرة نشر خواطره على الملأ، وهذه مدونتي انا، انشأتها منذ عامين لتكون ملاذي فاصبحت صديقتي التي لا اكتفي منها ابدا.





مدونتي العزيزة
كل سنة وانت احلى

Monday, January 4

صباح ومسا.....شي ما بينتسى


صباح ومسا.....شي ما بينتسى

بقلم سارة مصطفى


لم يكن لسكان ذلك الشارع شغل شاغل سوى الحديث عنهما، وكلاهما في الحقيقة يستحقان، فهي فاتنة ذلك الشارع التي طالما حلم بها الكثير من قاطنيه، أما هو فهو شاب مختلف ترسخت فيه الرجولة والشهامة منذ نعومة أظافره، وعلى الرغم من أن كليهما حظى بحظاً وفيراً من الهمس واللمز والقيل والقال إلا أنه أبداً لم يجمعهما حديث واحد، ولعل ذلك لأنهما مختلفين في كل شئ، فجيهان ذات العشرين ربيعاً تقدر جيداً أنها جميلة وهو ما جعلها تبتعد عن مجارات شباب الجيران أو زملائها في الجامعة، مما جعلها في أعينهم قديسة بريئة وبالرغم من أن حقيقة نيتها لم تكن كذلك إلا أنهم جعلوها مثلاً يحتذى به بين الرائح والآت، ولم يخطر ببالهم ولو لوهلة أن تمنعها لأنها تنتقصهم لا شئ غير ذلك وأن فارس أحلامها من المستحيل أن يكون واحداً من بين هؤلاء فهي أكبر وأكثر منهم بكثير، وكان ذلك الشعور يزيد عندما تقف أمام مرآتها ثم تنظر من شرفة شقتهما التي تعتلي عمارتهم الشاهقة الفاخرة .
أما حازم وهو طبيب في مقتبل العمر ملامحه لا تخلو من الوسامة إلا أن الجدية تغلب عليها، يحبه الجميع لكنه قليل الكلام معهم، كان موضع الدهشة والإستنكار فعلى الرغم من جديته الشديدة، وانغماسه في دراساته وسط روائح البنج والعقاقير إلا أنه ذو شخصية لطيفة حالمة يفتقدها الكثير من شباب ذلك الجيل.


الشئ الوحيد الذي كان يجمع سيرة كليهما أنهما يقطنان نفس العمارة الشاهقة، مع الفارق أن أهل جيهان امتلكوا هذه الشقة بأموالهم الطائلة التي دائما يحسدهم عليها الجميع ،أما حازم فقد كانت هذه الشقة الإرث الوحيد من عمه الذي توفى قريباً، إلا أن ذلك لا ينفي مكانة عائلته المرموقة. ونعود للعمارة فالمدهش فيها ليس فقط فخامتها بل أيضاً تصميمها فهو تصميماً غريباً، يرجع إلى طراز قديم جداً يحاكي طراز الخلافات الإسلامية القديمة لبيوتهم الصغيرة آن ذاك ، فهي مجوفة من الداخل وذلك التجويف لم يكن مجرد منور إنما كان حديقة صغيرة يرتادها أطفال العمارة من حين إلى حين وتقف السيدات في الشبابيك والمنافذ يراقبونهم بشغف واستمتاع وهم يلعبون في الأسفل، وفي الأعلى حيث شباك الغرفة الآخر التي تسكنها أميرة تلك الشارع، تداعبه الستائر ذات الألوان الصارخة، وفي الجهة الأخرى شباك آخر ينغص عليها حياتها حين تنبعث منه رائحة الفورمالين التي تغطي على عطرالياسمين الذي يفوح من غرفتها.


أما الحين الآخر فتنبعث منه نغمات غير مفسرة لجيهان تسمعها وعندما تقترب لاتتورع جيهان عن خلع نعليها وفك ضفائرها وترقص على هذه الأنغام حافية، لم يكن أحد يعلم انه هناك شئ آحر يجمع بين حازم وجيهان، وتمر الأيام ولا تستطيع جيهان أن تميز النغمات، ولا يستطيع حازم أن يتخيل سوى خيالات ما وراء الستار.
وفي يوم العيد وكعادة جميع الأسر يتجمع الأهل والأصدقاء، أصر الدكتور ابراهيم خال جيهان أن يكون التجمع في فلتهم ليسهل أمر الشي في الهواء الطلق، تدخل جيهان حيث حشدا كبيراً لم تتخيل أن تجده، أفأفت في داخلها " كده ياخالو" فهي تكره الأماكن المكتظة بالبشر، جلست في أبعد كرسي عن الأعين متذمرة لم يقطع تذمرها سوى غضبها عندما اقترب خالها العزيز يعرفها على كل من هب ودب على حد تعبيرها.


لم يأت لمخيلتها لحظة أن أحد من هب ودب هو صاحب النغمات، جيهان أقدم لك الدكتور حازم واحد من أنبغ تلاميذي، حازم أقدم لك جيهان بنتي اللي ربنا عوضني بها مع ولادي الصبيان عشان أنا مجبتش بنات على فكرة يا جيهان دكتور حازم ساكن في نفس عمارتكم، فيسألها عن الطابق التي تسكن فيه وهو مندهش من القدر فترد بابتسامة ممتعضة الأخير، فيرد الخال إيه ده إنتو نفس الدور سبحان الله وينصرف إلى المدعوين تاركاً حازم لارتباكه ولسان حاله إنها الستارة، أما هي فقد خيم الصمت المكان ولم تعد تسمع سوى النغمات الغير مفسرة التي اعتادت سماعها من نافذته.
وكعادة كل قصة يجب أن يكون لفتاتها فارس، وقد كان تطورت العلاقة بسرعة البرق، وأصبح يجمعهما حديث أهل الشارع، فهي الأميرة التي حازت بقلب الأمير.


وبالرغم حبه الشديد لها إلا أنها كانت شغوفة بجمالها الذي يفتقد الرومانسية أكثر منه وهو ما يتنافى مع طبيعته وطموحه في فتاة أحلامه، طالما استهزأت من فيروز التي يسمعها ليلاً ونهاراً ونسيت أنها كثيراً ما رقصت عليها.
أما هو فبين الحين والآخر تضيق به الدنيا على رحبها من أفعالها، ولكنه في النهاية يحبها كما هي الأخرى ولكن لكل منهم طريقته الخاصة، يحاول أن يقربها منه وأن يهدهد مشاعرها ويذكرها بأيام ما قبل معرفتهما وكيف أن أحد أحلامه التي لم يفهمها سوى عندما تعرف عليها أن يعرف من صاحبة خيال الظل. فتأبى وتقول له معنفة بليز خليك في فيروز بتاعتك أنا ورايا شوبنج.


وكانت هي الأخرى تحاول أن تغير فيه، وتجعله شاب كوول كما تقول وينسى خرافات الحب والهيام لأن ببساطة جارت عليها الأيام.
كانت تعلم أن حبه لها مفرط وأنه أصبح كالخاتم في اصبعها، وكثيراً ما كانت تقول لأصحابها الذين صدموا في الحب والزواج ووصفوه بالطوق الذي يقيد صاحبه ان حب حازم لها كالقلادة وبعكس الجميع فإن رقبتها هي التي تحليها ولها أن تلبسها وقتما تشاء وتخلعها وقتما تشاء، ولكن لم يخطر ببالها يوماً أن القلادة قد تنفرط لتسقط فيلملمها من يقدر قيمتها.

وبالفعل قد حدث فقد جاءت لحازم بعثة لمدة ليست بالطويلة طلب منها أن تتزوجه وترافقه رفضت و خيرته بين أن يسافر ثم يتزوجا حينما يعود أو أن يرفض البعثة تماماً وظلت تتباهي بين صديقاتها أنه لن يطيق بعدها وأنه سوف يفضلها لأنه وإن كانت في البعثة مستقبله فخطيبته هي الحاضر والماضي والمستقبل وأي مجنون لا يعقل ذلك، حتى جاء اليوم الذي سافر فيه ولم يودعها أو حتي يخبرها، كانت الصدمة قوية لم تتخيلها ولم تتحملها أغلقت عليها باب غرفتها و سكرت شباكها الخلفي تنعي حظها تارة وتصبر نفسها تارة بإنه مايستاهالش وإنها تستاهل سيد سيده وده غلطتها إنها وافقت عليه من الأول، ويختفي حازم وترحل الجميلة من المنطقة إلى حي أكثر رقي وفخامة، ويبقى كليهما بطلا القصة
التي تستهوي الجميع الفارس الذي ترك فتاته.


تمر الأيام وتخرج من عزلتها، تعمل في بنك تتغير شخصيتها تقوي علاقاتها وتوسع دائرة معارفها ، ولازال جمالها أحد مشغولاتها الشاغلة الذي يتحاكى عنه قريناتها متعجبين لتأخرها في الزواج بالرغم من جمالها الطاغي وغناها الفاحش، لم يكن أحدهم يعلم أن حازم مازال بطل قصتها التي لم تستطع تغييره أبداً، وفي أحد الأيام وعلى غرار قصص ألف ليلة وليلة يقف حازم في طابور طويـــــــــــــــــــــــــــــل كما كانت تقول له عندما تقدم لخطبتها ولكن هذه المرة كان طابور العملاء في البنك التي تعمل به، تسمرت في مكانها عندما رأته نهرت زميلها ودعته ليأخذ مكانها لأنها متعبة وكان عليه أن يلحظ ذلك، يتبادلان الأماكن، ترفع الجريدة، تمثل الإنهماك بالقراءة كالمخبرين، وعيناها تبحث عنه وسط الكلمات وبين الصفحات، يراها حازم ولكنه لم يعد يأبه بوجودها كما كان ، يقول في نفسه ما زالت متعجرفة لم تغيرها الأيام، تلمح يديه فارغة بلا دبلة تبتسم، وتفكر للحظة يأخذها غرورها! إنه لم ينساني بعد، أترى هل لاحظ وجودي؟ علي أن أرحب به علـه...... ترفع رأسها هه لقد انصرف! هذه المرة علي أن ألحق به.......تركض ولكنها لا تدرك سوى نغمات بعيدة تأتي من سيارته الفارهة لا إنت حبيبي ولا ربينا سوى تعود إلى مكتبها وهي تندن إنت الأساسي وبحبك بالأساس كيفك إنت؟ ولكن تبقى باقي الكلمات في ذهنها ناقصة مشوشة كما كانت من قبل، ومجدداً هاهي جيهان حديث أصداقائها في العمل متسائلين عن الفارس المجهول الذي غاب مع الريح، وسر همهاتها الغير مفهومة، فردت عليهم مستنكرة بأنها لا تعرفه وأنه مجرد شبيه لجار لهم كان يعنفها عندما ترتفع صوت الأغاني من غرفتها وتكمل ضاحكة، أصله مكانش ليه في الرومانسية وأصلي بحب فيروز طول عمري وبسمعها صباح ومسا، فترد احدى عجائز الفرح ساخرة بمقطع آخر من الأغنية تعنيه تماماً....لعل وعسى!