Friday, January 22

عامان من التدوين



مش عارفة.... هذه انا منذ عامين، تغيرت كثيرا من وقتها، قد نضجت واصبحت اكثر طيشا، او لعلني اصبحت اقل تمردا او استسلاما،
لا اعرف بالتحديد لكن مدونتي هي من تحملتني طوال هذه المدة بتقلباتي جميعها




احب الكتابة جدا، احس انها تسهل علي مهمتي للوصول الى نفسي، لكني عشقت التدوين، ذلك المكان الذي يخصني على الملأ، مكاني الذي اهرب له، انطلق فيه واتحرر، اتستر وراء كلماتي فاتعرف على خبايا نفسي واعرف بها الاخر.





صلتي بالتدوين كعالم افتراضي غالبا ما تقتصر على متابعة مجموعة لا بأس بها من المدونات سواء شخصية او ادبية او حتى تلك الفضائحيه التي تتسر تحت مفهوم السياسه، علمني التدوين ان بعض الناس قد يعتبر الشهرة فضيله اخلاقية وان كان صاحبها بلا اخلاق، علمني ان البعض قد يستغل القناع الذي يوفره هذا العالم لينشر افكارا شاذه بدعوى الحرية.



ابتعدت عن تلك المجمعات التدوينيه، او بالاحرى تلك الشبكات التي تربط بعض المدونين حسب انتماءات كتاباتهم، فضلت ان تكون مدونتي عني انا، لا عنه ولا عنها او عنهم، لكني احتفظ بحقي في ابداء رأيي طالما التزمت بادب الاختلاف.


حبي للتدوين دفعني لاعلمه للعديد من اصدقائي، قد نجح البعض واستمر، والبعض الاخر لم يحتمل فكرة نشر خواطره على الملأ، وهذه مدونتي انا، انشأتها منذ عامين لتكون ملاذي فاصبحت صديقتي التي لا اكتفي منها ابدا.





مدونتي العزيزة
كل سنة وانت احلى

Monday, January 4

صباح ومسا.....شي ما بينتسى


صباح ومسا.....شي ما بينتسى

بقلم سارة مصطفى


لم يكن لسكان ذلك الشارع شغل شاغل سوى الحديث عنهما، وكلاهما في الحقيقة يستحقان، فهي فاتنة ذلك الشارع التي طالما حلم بها الكثير من قاطنيه، أما هو فهو شاب مختلف ترسخت فيه الرجولة والشهامة منذ نعومة أظافره، وعلى الرغم من أن كليهما حظى بحظاً وفيراً من الهمس واللمز والقيل والقال إلا أنه أبداً لم يجمعهما حديث واحد، ولعل ذلك لأنهما مختلفين في كل شئ، فجيهان ذات العشرين ربيعاً تقدر جيداً أنها جميلة وهو ما جعلها تبتعد عن مجارات شباب الجيران أو زملائها في الجامعة، مما جعلها في أعينهم قديسة بريئة وبالرغم من أن حقيقة نيتها لم تكن كذلك إلا أنهم جعلوها مثلاً يحتذى به بين الرائح والآت، ولم يخطر ببالهم ولو لوهلة أن تمنعها لأنها تنتقصهم لا شئ غير ذلك وأن فارس أحلامها من المستحيل أن يكون واحداً من بين هؤلاء فهي أكبر وأكثر منهم بكثير، وكان ذلك الشعور يزيد عندما تقف أمام مرآتها ثم تنظر من شرفة شقتهما التي تعتلي عمارتهم الشاهقة الفاخرة .
أما حازم وهو طبيب في مقتبل العمر ملامحه لا تخلو من الوسامة إلا أن الجدية تغلب عليها، يحبه الجميع لكنه قليل الكلام معهم، كان موضع الدهشة والإستنكار فعلى الرغم من جديته الشديدة، وانغماسه في دراساته وسط روائح البنج والعقاقير إلا أنه ذو شخصية لطيفة حالمة يفتقدها الكثير من شباب ذلك الجيل.


الشئ الوحيد الذي كان يجمع سيرة كليهما أنهما يقطنان نفس العمارة الشاهقة، مع الفارق أن أهل جيهان امتلكوا هذه الشقة بأموالهم الطائلة التي دائما يحسدهم عليها الجميع ،أما حازم فقد كانت هذه الشقة الإرث الوحيد من عمه الذي توفى قريباً، إلا أن ذلك لا ينفي مكانة عائلته المرموقة. ونعود للعمارة فالمدهش فيها ليس فقط فخامتها بل أيضاً تصميمها فهو تصميماً غريباً، يرجع إلى طراز قديم جداً يحاكي طراز الخلافات الإسلامية القديمة لبيوتهم الصغيرة آن ذاك ، فهي مجوفة من الداخل وذلك التجويف لم يكن مجرد منور إنما كان حديقة صغيرة يرتادها أطفال العمارة من حين إلى حين وتقف السيدات في الشبابيك والمنافذ يراقبونهم بشغف واستمتاع وهم يلعبون في الأسفل، وفي الأعلى حيث شباك الغرفة الآخر التي تسكنها أميرة تلك الشارع، تداعبه الستائر ذات الألوان الصارخة، وفي الجهة الأخرى شباك آخر ينغص عليها حياتها حين تنبعث منه رائحة الفورمالين التي تغطي على عطرالياسمين الذي يفوح من غرفتها.


أما الحين الآخر فتنبعث منه نغمات غير مفسرة لجيهان تسمعها وعندما تقترب لاتتورع جيهان عن خلع نعليها وفك ضفائرها وترقص على هذه الأنغام حافية، لم يكن أحد يعلم انه هناك شئ آحر يجمع بين حازم وجيهان، وتمر الأيام ولا تستطيع جيهان أن تميز النغمات، ولا يستطيع حازم أن يتخيل سوى خيالات ما وراء الستار.
وفي يوم العيد وكعادة جميع الأسر يتجمع الأهل والأصدقاء، أصر الدكتور ابراهيم خال جيهان أن يكون التجمع في فلتهم ليسهل أمر الشي في الهواء الطلق، تدخل جيهان حيث حشدا كبيراً لم تتخيل أن تجده، أفأفت في داخلها " كده ياخالو" فهي تكره الأماكن المكتظة بالبشر، جلست في أبعد كرسي عن الأعين متذمرة لم يقطع تذمرها سوى غضبها عندما اقترب خالها العزيز يعرفها على كل من هب ودب على حد تعبيرها.


لم يأت لمخيلتها لحظة أن أحد من هب ودب هو صاحب النغمات، جيهان أقدم لك الدكتور حازم واحد من أنبغ تلاميذي، حازم أقدم لك جيهان بنتي اللي ربنا عوضني بها مع ولادي الصبيان عشان أنا مجبتش بنات على فكرة يا جيهان دكتور حازم ساكن في نفس عمارتكم، فيسألها عن الطابق التي تسكن فيه وهو مندهش من القدر فترد بابتسامة ممتعضة الأخير، فيرد الخال إيه ده إنتو نفس الدور سبحان الله وينصرف إلى المدعوين تاركاً حازم لارتباكه ولسان حاله إنها الستارة، أما هي فقد خيم الصمت المكان ولم تعد تسمع سوى النغمات الغير مفسرة التي اعتادت سماعها من نافذته.
وكعادة كل قصة يجب أن يكون لفتاتها فارس، وقد كان تطورت العلاقة بسرعة البرق، وأصبح يجمعهما حديث أهل الشارع، فهي الأميرة التي حازت بقلب الأمير.


وبالرغم حبه الشديد لها إلا أنها كانت شغوفة بجمالها الذي يفتقد الرومانسية أكثر منه وهو ما يتنافى مع طبيعته وطموحه في فتاة أحلامه، طالما استهزأت من فيروز التي يسمعها ليلاً ونهاراً ونسيت أنها كثيراً ما رقصت عليها.
أما هو فبين الحين والآخر تضيق به الدنيا على رحبها من أفعالها، ولكنه في النهاية يحبها كما هي الأخرى ولكن لكل منهم طريقته الخاصة، يحاول أن يقربها منه وأن يهدهد مشاعرها ويذكرها بأيام ما قبل معرفتهما وكيف أن أحد أحلامه التي لم يفهمها سوى عندما تعرف عليها أن يعرف من صاحبة خيال الظل. فتأبى وتقول له معنفة بليز خليك في فيروز بتاعتك أنا ورايا شوبنج.


وكانت هي الأخرى تحاول أن تغير فيه، وتجعله شاب كوول كما تقول وينسى خرافات الحب والهيام لأن ببساطة جارت عليها الأيام.
كانت تعلم أن حبه لها مفرط وأنه أصبح كالخاتم في اصبعها، وكثيراً ما كانت تقول لأصحابها الذين صدموا في الحب والزواج ووصفوه بالطوق الذي يقيد صاحبه ان حب حازم لها كالقلادة وبعكس الجميع فإن رقبتها هي التي تحليها ولها أن تلبسها وقتما تشاء وتخلعها وقتما تشاء، ولكن لم يخطر ببالها يوماً أن القلادة قد تنفرط لتسقط فيلملمها من يقدر قيمتها.

وبالفعل قد حدث فقد جاءت لحازم بعثة لمدة ليست بالطويلة طلب منها أن تتزوجه وترافقه رفضت و خيرته بين أن يسافر ثم يتزوجا حينما يعود أو أن يرفض البعثة تماماً وظلت تتباهي بين صديقاتها أنه لن يطيق بعدها وأنه سوف يفضلها لأنه وإن كانت في البعثة مستقبله فخطيبته هي الحاضر والماضي والمستقبل وأي مجنون لا يعقل ذلك، حتى جاء اليوم الذي سافر فيه ولم يودعها أو حتي يخبرها، كانت الصدمة قوية لم تتخيلها ولم تتحملها أغلقت عليها باب غرفتها و سكرت شباكها الخلفي تنعي حظها تارة وتصبر نفسها تارة بإنه مايستاهالش وإنها تستاهل سيد سيده وده غلطتها إنها وافقت عليه من الأول، ويختفي حازم وترحل الجميلة من المنطقة إلى حي أكثر رقي وفخامة، ويبقى كليهما بطلا القصة
التي تستهوي الجميع الفارس الذي ترك فتاته.


تمر الأيام وتخرج من عزلتها، تعمل في بنك تتغير شخصيتها تقوي علاقاتها وتوسع دائرة معارفها ، ولازال جمالها أحد مشغولاتها الشاغلة الذي يتحاكى عنه قريناتها متعجبين لتأخرها في الزواج بالرغم من جمالها الطاغي وغناها الفاحش، لم يكن أحدهم يعلم أن حازم مازال بطل قصتها التي لم تستطع تغييره أبداً، وفي أحد الأيام وعلى غرار قصص ألف ليلة وليلة يقف حازم في طابور طويـــــــــــــــــــــــــــــل كما كانت تقول له عندما تقدم لخطبتها ولكن هذه المرة كان طابور العملاء في البنك التي تعمل به، تسمرت في مكانها عندما رأته نهرت زميلها ودعته ليأخذ مكانها لأنها متعبة وكان عليه أن يلحظ ذلك، يتبادلان الأماكن، ترفع الجريدة، تمثل الإنهماك بالقراءة كالمخبرين، وعيناها تبحث عنه وسط الكلمات وبين الصفحات، يراها حازم ولكنه لم يعد يأبه بوجودها كما كان ، يقول في نفسه ما زالت متعجرفة لم تغيرها الأيام، تلمح يديه فارغة بلا دبلة تبتسم، وتفكر للحظة يأخذها غرورها! إنه لم ينساني بعد، أترى هل لاحظ وجودي؟ علي أن أرحب به علـه...... ترفع رأسها هه لقد انصرف! هذه المرة علي أن ألحق به.......تركض ولكنها لا تدرك سوى نغمات بعيدة تأتي من سيارته الفارهة لا إنت حبيبي ولا ربينا سوى تعود إلى مكتبها وهي تندن إنت الأساسي وبحبك بالأساس كيفك إنت؟ ولكن تبقى باقي الكلمات في ذهنها ناقصة مشوشة كما كانت من قبل، ومجدداً هاهي جيهان حديث أصداقائها في العمل متسائلين عن الفارس المجهول الذي غاب مع الريح، وسر همهاتها الغير مفهومة، فردت عليهم مستنكرة بأنها لا تعرفه وأنه مجرد شبيه لجار لهم كان يعنفها عندما ترتفع صوت الأغاني من غرفتها وتكمل ضاحكة، أصله مكانش ليه في الرومانسية وأصلي بحب فيروز طول عمري وبسمعها صباح ومسا، فترد احدى عجائز الفرح ساخرة بمقطع آخر من الأغنية تعنيه تماماً....لعل وعسى!